حوادث الأجسام الغريبة كثيرة ومتنوعة ومتواترة الحدوث، وهي تصيب الأطفال عادة إذ عندما يبلغ الطفل من العمر سنة أو سنتين يبدأ بترويض أصابعه وتمرينها فيقبض على كل ما تقع عليه يده فيلقي به وكثيرا ما يضعه أو يدفعه في انفه أو أذنه وأحيانا يقع في بلعومه أو الحنجرة وكثيرا ما يصدف أن يسقط هذا الجسم في القصبات الرئوية.
أما تنوع هذه الأجسام فناتج عن تنوع الأجسام التي تقع عليها يد الطفل من حبة فاصوليا أو حمصة أو خرزة أو قطعة إسفنج أو قطعة حجر أو لعبة صغيرة أو جزء منها أو دبوس ...الخ.
الأجسام الغريبة في الأنف
وبالطبع من النادر أن يذهب الطفل فيشكو أمره إلى والديه، واغلب الأحيان يظل الأمر مكتوما، وبعد فترة تلاحظ الأم أن ولدها لا ينام بهدوء وانه يشخر في الليل وان سيلانا مخاطيا قيحيا وأحيانا دمويا يجري من خيشوم واحد، ولا يلبث هذا السيلان أن يكثر ويزداد ويصبح سميكا ذا لون اخضر ورائحة كريهة منفرة وينسد الخيشوم، وترافق هذه الحالة ارتفاع في درجة الحرارة، وهزال وانقطاع الشهية. وإذا ذهبت به الأم إلى الطبيب العام أو طبيب الأطفال ولم ينتبه هذا إلى الجسم الغريب، فقد تمر فترة دون العثور عليه وتزداد الأعراض حدة دون فائدة بينما إذا انتبه إليه يكفي استخراجه تحت التخدير الموضعي حتى تختفي كل تلك الأعراض. وقد يكون الاستخراج صعبا لكبر حجم الجسم ويستحسن تحضير المريض بالمضادات الحيوية والمطهرات الموضعية ثم استخراج الجسم تحت التخدير العام. وثمة داء نادر وغريب هو انه إذا كان الجسم الغريب صغيرا وظل فترة من الزمن فان الأنف يفرز حوله موادا كلسية فيتحول الجسم إلى حصاة تشبه الزعانف ولها رائحة كريهة جدا واستخراجها مؤلم وتسمى بحصاة الأنف.
الأجسام الغريبة في الأذن
غالبا ما يتحدث عنها الطفل أو أن الأم تكتشفها عرضا وقد يكون استخراجها سهلا. إلا أن خوف الطفل وقلقه وفزعه يجعل الإخراج غالبا صعبا. ولكن ما يزيد الأمر صعوبة هو محاولات الأهل أو غير المختصين استخراج الجسم، إذ ينشأ عن ذلك مضاعفات شديدة قد تؤذي الأذن كلها. لذا ينصح بالتوجه إلى الأخصائي وإجراء الاستخراج بواسطة آلات دقيقة ومختلفة الأشكال حسب شكل الجسم ونوعه. ونادرا ما يكون الجسم مستعصيا مما يضطر الأخصائي إلى إجراء تدخل جراحي.
الأجسام الغريبة في الحنجرة
إذا كان الجسم الغريب يدخل في الأنف والأذن دون ضجة من قبل الضحية فإنه يدخل الحنجرة بضجيج عارم.إذ سرعان ما يقع الطفل على الأرض وهو في حالة اختناق شديد فإذا لم يسعف في الحال قد يتوفى. لأن الحنجرة علاوة على أنها ضيقة فهي حساسة جدا يكفي أحيانا أن تنسد حتى يتوقف القلب حالا. وإذا كان الجسم صغيرا فقد يتوقف ثواني معدودات في الحنجرة ثم لا يلبث أن يسقط في القصبة. وقد يجري الأمر والطفل لوحده فلا يشعر الأب والأم بشيء... ولكن بعد فترة يبدأ الطفل بالسعال ثم بالهزال وانقطاع الشهية ثم ارتفاع في الحرارة ثم اضطرابات عامة أخرى. ويظن الطبيب أن الطفل مصاب بالتهاب ولكن هذا الالتهاب لا تشفيه الأدوية قطعا. ولدى التصوير الشعاعي قد يظهر الجسم واضحا إذا كان معدنيا مثلا (كحالة طفل ذي عامين دخل مسمار في قصبته اليسرى وتم استخراجه له بالتخدير العام). أو انه لا يرى في الأشعة السينية لأنه شفاف كما هي الحال مع الأطعمة المختلفة كالبزر والفاصولياء. وهذه الأجسام خطيرة لأنها تنتفخ فتنسد القصبة ويحصل من جرائها التهاب مزمن شديد مع تقيح في كل المنطقة التي لم يعد يصلها الهواء بسبب انقطاع التنفس، واستخراجها صعب لأنها تتفتت بسهولة تحت الملقط ويصعب التقاطها وجرها.أما اصعب الأجسام التقاطا فهو الدبوس.